رئيس الجمهورية يعزّي في وفاة المجاهد محند السعيد نايت عبدالعزيز
أخبار
2025-12-26

رأي من الحراك
2025-12-24
أ.د. محمد عبد الستار
24 ديسمبر 2025
أوضحنا في الجزء الأول من هذا المقال (البحث الإعلامي) بعنوان "حرب الأنابيب.. من الأنبوب العابر للصحراء إلى الأنبوب الإفريقي الأطلنطي: عندما يبيع المغرب لأوروبا وإفريقيا الاثارة بدل الغاز.. "! وسوف نقوم في هذا الجزء بإثراء معرفي ومعلوماتي للقضية حتى نضع بين القارئ أدوات الفهم والتحليل، ونقف أيضا عند خلفيات حرب الأنابيب بين الجزائر والمغرب من جهة، ثم نوضح من جهة أخرى كيف يكتسي المشروع الجزائري (الأنبوب العابر للصحراء) الأفضلية على حساب المشروع المغربي (الأنبوب الإفريقي الأطلسي)، وذلك بالمعلومات الدقيقة والحجج المنطقية.
تضارب الأهداف بين الجزائر والمغرب
يعد المشروع المغربي (الأنبوب الإفريقي الأطلنطي) جزء من مبادرة الأطلسي، وهو مشروع مغربي آخر يسعى المغرب من خلاله لإغراء بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد (بوصفهم دولا حبيسة) بالوصول إلى المحيط الأطلسي. وفي سبيل نجاح هذه المبادرة، قدمت المغرب في 12 فبراير 2017 طلب الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وقد حصلت على صفة "مراقب".
وتسعى من خلاله المغر (وهي ليست دولة غاز) إلى قطع الطريق على المشروع الجزائري (الأنبوب العابر للصحراء) من جهة، ومن جهة أخرى تحويل المغرب إلى منطقة عبور للطاقة، وبالتالي تقديم نفسها بديلا للغاز الجزائري والغاز الروسي من جهة أخرى.
بينما تسعى الجزائر، (وهي دول منتجة ومصدرة للغاز) من خلاله لتعزيز موقعها كمورد رئيسي موثوق من الطاقة لأوروبا من خلال أنابيب الغاز الموجودة أصلا، والتي تربط الجزائر بإيطاليا من جهة، والجزائر بإسبانيا من جهة أخرى، ولتصبح مركز طاقويا إقليميا من خلال مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء.
وتدرك الجزائر أن مشروع الأنبوب الإفريقي الأطلسي يستهدف مشروع الأنبوب العابر للصحراء في إطار حرب اقتصادية واستراتيجية تشنها المغرب وحلفاؤها على الجزائر، لذلك لم تتأخر الجزائر في الرد على المشروع المغربي بتسريع وتيرة الأنبوب العابر للصحراء الذي ولدت فكرته قبل عشريات من الزمن قبل المشروع المغربي.
وبدون شك فإن حرب الأنابيب هذه أخذت بعدا كبيرا، يتمثل في سعي المغرب لضرب المشروع الجزائري "الأنبوب العابر للصحراء" للحيلولة دون تحول الجزائر لمركز طاقوي إقليمي، والتأثير على العلاقات الجزائرية الأوروبية على المدى البعيد.
فالمغرب لو كان يسعى للحصول على الغاز من نيجيريا لكان ذلك من حقه، وكل الدول حاليا تعتمد على أنابيب الغاز لتلبية حاجياته من الطاقة، خاصة أن التقديرات تشير إلى حاجته لنحو 3 مليار متر مكعب بحلول 2040، لكن السعي لإيصال غاز نيجيريا إلى أوروبا، فليس له أي تفسير سوى محاولة ضرب الجزائر.
المغرب أول من بدأ حرب الأنابيب
بتاريخ 14 يونيو 2021 كتبت صحيفة ألموندو الاسبانية قائلة أن “الملك محمد السادس أوقف المفاوضات لتجديد خط الغاز مع اسبانيا الذي ينتهي هذا العام” (أي عام 2021). وهذا يعني أن المغرب هو أول من أطلق رصاصة حرب الأنابيب، فعندما يوقف العمل باتفاقية توريد الغاز الجزائري لإسبانيا عبر التراب المغربي، فإنه لا يستهدف اسبانيا فقط إنما يستهدف الجزائر أيضا وأساسا.
وخط الغاز هذا الذي أرادت المغرب توقيف التفاوض لتجديد عقده، هو في أصله أنبوب جزائري يحمل اسم "أنبوب المغرب العربي – الأوروبي للغاز" (MEG)، الذي بدأ منذ عام 2000 يحمل اسم "بيدرو دوران فارال" (Pedro Duran Farell pipeline)، تزوّد الجزائر بموجبه اسبانيا ودول أوروبية أخرى بالغاز الطبيعي، ولأنه يمر عبر التراب المغربي، أصبح من حق المغرب وقف العمل به.
ويمتد هذا الأنبوب على مسافة 1,620 كيلومتر، وقدرته 8.6 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، ويمكن أن تصل حتى 12 مليار متر مكعب. وقد بدأ العمل به سنة 1996.
لكن المغرب حينما قررت وقف التفاوض، لم تأخذ بعين الإعتبار أنبوب جزائري آخر اسمه "ميدغاز" الذي يربط مباشرة بين منشآت بني صاف في الجزائر وألميريا الإسبانية. يمر تحت البحر. وبدأ يضخ الغاز في مارس 2011، وهو الأنبوب الثاني (إلى جانب أنبوب المغرب العربي أوروبا المتوقف) الرابط بين الجزائر وإسبانيا. لتتراوح قدرة التصدير الجزائري لأوروبا عبر اسبانيا من خلال الأنبوب بين 10 و16 مليار متر مكعب سنويا.
لذلك بتاريخ 29 يونيو 2021 ردت شركة سوناطراك على موقف المغرب، فقالت إنها مستعدة لإمداد إسبانيا بالغاز وبالكميات المتعاقد عليها، حتى مع فرضية عدم تجديد عقد نقل الغاز عبر الأنبوب الذي يمر من الأراضي المغربية .
وقف العمل بالأنبوب المغرب العربي–أوروبا (MEG) العابر للتراب المغربي
وإذا كانت الرصاصة المغربية "بيضاء"، فقد ردت الجزائر بـ "الرصاص الحي"، في سياق سياسي مشحون بينها وبين المغرب، لاسيما بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بتاريخ 24 أوت 2021، قررت الجزائر وبشكل رسمي وقف العمل باتفاقية نقل الغاز إلى إسبانيا والبرتغال عن طريق أنبوب الغاز العابر للتراب المغربي، الذي انتهى عقده في 31 أكتوبر 2021، وبهذا التاريخ أمر رئيس الجمهورية وقف العمل بهذا الأنبوب رسميا.
وفي نظر المغرب، فإن حرب الأنابيب تعني حرمان اسبانيا من شريان الحياة والإقتصاد، وهو أيضا ضرب اقتصادي وسياسي للجزائر، الأمر الذي لا يمكن للجزائر أن تسمح به، فقامت بتزويد أوروبا بالغاز عن طريق الأنبوب العابر للمتوسط "ميدغاز". وكان ذلك انتصارا تاكتيكيا واستراتيجيا في حرب الأنابيب في خضم الصراع الإستراتيجي مع المغرب.
عندما أطلق المغرب الرصاص الحي على رجليه
إلى جانب الرصاصة المغربية على اسبانيا في حرب الأنابيب هذه، أطلقت المغرب رصاصة حية على رجليها أيضا، ذلك أنها كانت مستفيدا رئيسا من الأنبوب المغاربي للغاز ماليا أو طاقويا، فاستنادا لمصادر إعلامية عديدة بما فيها مصادر مغربية، فإن الأنبوب المغاربي الأوروبي (العابر للتراب المغربي) كان يوفر الغاز للمغرب كحقوق عبور من جهة، ومن جهة أخرى شراء الغاز الجزائري بسعر تفضيلي، كما يحتضن المغرب عدة مراكز صيانة للأنبوب، يتلقى مقابلا عليها من إسبانيا.
وحسب احصائيات نشرتها مصادر إعلامية عديدة، فقد بلغت إيرادات المغرب من الأنبوب، عام 2018 نحو 170 مليون دولار، وتراجعت عام 2019 إلى 113 مليون دولار، ثم إلى 56 مليون دولار عام 2020 بسبب جائحة كورونا. وكان المغرب يحصل على هذه الإيرادات في شكل غاز طبيعي، يقدر بنحو 600 مليون متر مكعب سنويا.
مشروع الأنبوب الإفريقي الأطلسي: تطور نوعي في حرب الأنابيب
من الرصاصة البيضاء على اسبانيا والرصاص الحي على رجليه، انتقل المغرب الى القصف بالأر بي جي، من خلال مشروع "الأنبوب الإفريقي الأطلنطي". لذلك بعد قرار الجزائر وقف العمل بالأنبوب المغاربي للغاز، سرّعت المغرب وتيرة الجهد لإنجاز الأنبوب "الإفريقي الأطلسي".
فبتاريخ 18 جوان 2021 كتبت وسائل إعلام مغربية أن نيجيريا أعلنت عن استعدادها لبناء خط أنبوب الغاز الذي سيربط بينها وبين المغرب، مؤكدة الانتهاء من خطط إنشاء المشروع، وجاء ذلك بالتزامن مع ميلاد فكرة المغرب بعدم تجديد اتفاقية الأنبوب الجزائري العابر لترابها نحو إسبانيا.
والحقيقة أن المغرب بدأ مشروع "الأنبوب الأفريقي الأطلسي" (نيجيريا-المغرب-أوروبا) في ديسمبر 2016 خلال زيارة الملك محمد السادس إلى نيجيريا، حيث تم توقيع اتفاقية تفاهم. وبعدها بسنتين تقريبا، في شهر جوان 2018 وقعت المغرب ونيجيريا إعلاناً مشتركاً يحدد خطوات استكمال اتفاق "أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي" الذي يعتبر امتدادًا لخط أنابيب غاز قائم بالفعل ينقل الغاز من جنوب نيجيريا إلى بنين وغانا وتوغو منذ عام 2010.
ويربط الأنبوب الإفريقي الأطلسي المغرب بنيجيريا عبر ساحل المحيط الأطلسي، ويعبر 13 دولة قبل وصوله لأوروبا هي: بنين، توغو، غانا، ساحل العاج، ليبيريا، سيراليون، غينيا، غينيا بيساو، غامبيا، السنغال، موريتانيا، يضاف إليها النيجر بلد المنشأ والمغرب بلد الترانزيت. ويبلغ طوله ما بين 5600 و6200 كيلومتر، ويكون بذلك أطول أنبوب ناقل للغاز في العالم. تقدر تكلفته بنحو بـ 25 مليار دولار (مرشحة لتصل إلى 38 مليار دولار) ومن المخطط أن ينقل 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا من نيجيريا باتجاه المغرب ثم أوروبا، على أن تبدأ أولى الشحنات عام 2029. ومن المغرب، ينطلق الأنبوب من طنجة، ويمر عبر مضيق جبل طارق إلى قادش الإسبانية، حيث سيلتقي بخط أنابيب الجزائر-المغرب-إسبانيا القديم.
وفي مارس2024، أعلنت السيدة أمينة بن خضرة، المديرة العامة للمكتب الوطني المغربي للهيدروكربونات والمناجم، عن إنشاء شركة للإشراف على تمويل المشروع وبنائه وتشغيله.
المشروع المغربي: غير واقعي عمليا..وضعيف اقتصاديا
يواجه الأنبوب المغربي عدة تحديات منها ما شرحه الدكتور جيوف د. بورتر، والتي تطرقنا إليها في المقال السابق، وإذا سلمنا جدلا، أن المغرب يستطيع تجاوز تحدي التمويل (25 –38 مليار دولار) عن طريق الإمارات العربية كما نقلت العديد من وسائل الإعلام مؤخرا، لاشتراكهما حاليا في وضع الجزائر على "خط التسديد"، فإن هناك تحديات أخرى أهمها:
1-عدم اليقين بحقيقة الاحتياطات الغازية في نيجيريا، التي تضمن عقود بيع طويلة للشريك الأوروبي، حيث هناك من الخبراء من شكك في احتياطات النيجر، وهناك من طالب بخبراء محايدين للتأكد منها، مع رفض نيجيريا لذلك.
2-الإنقلاب العسكري الذي وقع في النيجر يوم 27 جويلية 2023 جعل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، تفرض عقوبات على نيامي، وهو المستجد الذي يضعف المشروع.
3- المردودية الإقتصادية: إضافة إلى العناصر التي ذكرها جيوف بورتر وهو أمريكي (المقال السابق)، فإن الدكتورة الألمانية كيرستن فيستفال، وهي خبيرة دولية في شؤون الطاقة في "المؤسسة الألمانية للسياسة والعلوم (SWP) في برلين، سبق أن أوضحت في عدة مناسبات (انظر مثلا دوتشي فيله بتاريخ 27 ماي 201) أن "المشروع المغربي، ممتاز استراتيجيا.. ضعيف اقتصاديا"، وأبرزت نقاط ضعف المشروع وهي:
- أنه قد لا يصمد أمام منطق النجاعة الاقتصادية والتحولات الجذرية التي تعرفها حاليا سوق الغاز في العالم.
- أن جزء من خط الغاز موجود على الأرض ويربط بين نيجيريا، بنين، توغو وغانا، يعرف من حين لآخر مشاكل تجارية، بخصوص عدم قدرة بعض الدول على تسديد ثمن الأقساط التي تستهلكها من الغاز.
- أنه يفتقد للواقعية وشروط النجاح لكثرة دول العبور. فكل بلد يعبره خط الغاز يجب اعتباره مصدراً محتملاً للخلافات.
- إن سوق الغاز في العالم مشبعة بالعرض، بل هناك فائض في الإنتاج. ثم إن المصدرين يسعون حالياً لإسالة منتوجهم الغازي أو ما يسمى بـ (LNG)، وبالتالي فإن "الغاز الطبيعي السائل بات لدى الكثير من المتعاملين الخيار الأكثر إغراء لأنه يتيح مرونة كبيرة من حيث الوصول للأسواق ذات المردودية الكبيرة".
- أن المشروع يراهن في مرحلته النهائية على اقتحام سوق الغاز الأوروبية، غير أن التعويل على هذا الرهان مبالغ فيه؛ فأوروبا "وصلت للتخمة، والطلب على الغاز لا ينمو أو يراوح مكانه في أحسن الأحوال، عكس ما هو عليه الحال في آسيا.
- إن أسواق دول غرب إفريقيا والمغرب متواضعة نسبيا بالنظر لضخامة حجم الاستثمارات اللازمة.
أنبوب الغاز العابر للصحراء (TSGP) (المشروع الجزائري)
تعود فكرة المشروع حسب مصادر إعلامية إلى ثمانينيات القرن الماضي. أي قبل ميلاد فكرة المشروع المغربي بعشريات زمنية، إلا أنه، ولأسبابٍ مختلفة، لم يتم توقيع اتفاقية تنفيذه إلا في 3 جويلية 2009 من قبل نيجيريا والجزائر والنيجر، أي بعد مرور 30 عامًا.
وترى مصادر أخرى أن فكرة المشروع ظهرت لأول مرة شهر سبتمبر 2001، وانطلقت المحادثات حوله لأول مرة بين الجزائر ونيجيريا سنة 2003، حيث تم خلالها توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين لدراسة الجدوى.
غير أن المشروع تأخر بسبب انخفاض أسعار النفط حينها الى 20 دولار للبرميل، وفي عام 2009 عادت الفكرة إلى الواجهة مرة أخرى، متشجعة بارتفاع الأسعار، فوقعت الجزائر ونيجيريا اتفاقا مبدئيا لإنجاز دراسة مُعمَّقة حول إمكانية تنفيذ المشروع. وحينها أبدى الاتحاد الأوروبي رغبته في الإسهام في تلك الدراسات، بسبب أزمة الطاقة مع روسيا بخصوص شبه جزيرة القرم والتي جعلت موسكو تقطع أنابيب الغاز التي تمر عبر أوكرانيا باتجاه أوروبا.
وفي القمة الاستثنائية الـ 27 للاتحاد الأفريقي، التي عُقدت يومي 17 و18 جويلية 2016 في كيغالي، بنيجيريا، أُعلن أن خط الأنابيب سيكون مملوكاً بنسبة 90 بالمئة للجزائر ونيجيريا، و10 بالمئة للنيجر.
وبتاريخ 21 سبتمبر 2021 أعلن وزير النفط النيجيري نيمري سيلفا أن بلاده بدأت في تنفيذ مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء. ليتم التوقيع على مذكرة تفاهم خلال الاجتماع الثالث بين الجزائر والنيجر ونيجيريا في الجزائر العاصمة بتاريخ 28 جويلية 2022.
يبلغ طول أنبوب الغاز العابر للصحراء (TSGP) الرابط بين نيجيريا وأوروبا عبر الجزائر مرورا بالنيجر نحو 4200 كلم، منها 1037 كلم في نيجيريا، و830 كلم في النيجر، و2310 كلم في الجزائر. ينطلق من نيجيريا ويلتقي في منطقة حاسي الرمل بالجزائر، ومنها يسلك مسارين، الأول باتجاه اسبانيا عبر أنبوب البحر المتوسط (ميدغاز)، والثاني نحو إيطاليا عبر أنبوب "اونريكو ماتي" عبر التراب التونسي، وربما مستقبلا عن طريق مشروع أنبوب غالسي المار عبر المتوسط.
قدرت تكلفته في البداية نحو 10 مليار دولار، ثم وصلت إلى نحو 21 مليار دولار بسبب ارتفاع التكاليف المالية في قطاع الطاقة. ويفترض أن ينقل هذا الأنبوب 30 مليار متر مكعب مِن الغاز من نيجيريا التي تصنف على أنها سابع أكبر احتياطي عالمي للغاز، باتجاه أوروبا. لم يعلن رسميا عن موعد بداية ضخ الغاز، لكن وسائل إعلام تحدثت بداية استغلاله في أواخر 2027.
الحرب الروسية– الأوكرانية، وتطور الطلب الأوروبا تسرّعان المشروع
مع بداية 2022، ومع التغيرات السياسية الحاصلة على رأسها انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية عام 2019، بدأت الجزائر تركز على الجوانب الاقتصادية. من بينها مشروع الغاز العابر للصحراء.
كذلك ساعدت الحرب الروسية على أوكرانيا منذ 24 فبراير 2022 على الاهتمام أكثر بالمشروع، لأن جزءا كبيرا مِن الغاز الروسي يمرُّ عبر أوكرانيا من جهة، ومن جهة أخرى اشترطت موسكو أن يكون التعامل بالعملة الروسية الروبل، كما تعرض أنبوب نورد ستريم1 Nord Stream إلى التخريب، ثم قيام موسكو بقطع امدادات الغاز عبره، فأصبح النظر إلى الأنابيب الرابطة لروسيا بأوروبا على أنها ليست ذات جدوى اقتصادية.
كذلك أدت التوقعات العالمية بنمو الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي بحلول 2030 إلى 39 بالمئة، واستمرار معدلات الطلب الحالية المقدرة بنحو 350 مليار متر مكعب، بسبب تخلِّي عدد من الدول الأوروبية عن الطاقة النووية، إلى اعتبار مشروع الأنبوب العابر للصحراء ذي جدوى اقتصادية واستراتيجية كبرى، بالنسبة لأوروبا والجزائر أيضا التي تقدر حصتها الحالية في السوق الأوروبية بنحو 14 بالمئة.
كذلك أدت الاكتشافات الجديدة للغاز الطبيعي، بالجزائر لتسوق نفسها كمصدر موثوق للطاقة، حيث تحدثت وسائل الإعلام عن احتياطات مؤكدة من الغاز تفوق 2500 مليار متر مكعب، الأمر الذي يمكن الجزائر من الوفاء بالتزامات إضافية من الغاز نحو أوروبا.
4 عوامل تجعل المشروع الجزائري في موقع الأفضلية
قد يقول قائل أن ما ينطبق من تحديات على الأنبوب الإفريقي الأطلسي (المغربي) يصدق على الأنبوب العابر للصحراء (الجزائري)، وبكل موضوعية، نقول أن المشروع الجزائري تعترضه أيضا بعض التحديات لكنها أقل وأخف من تلك التي تواجه المشروع المغربي، نذكر منها ما يلي:
- ظهور فكرة أنبوب نابوكو (NABUCCO Gas Pipeline) الذي تسعى بموجبه أوروبا إلى تنويع مصادر تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي من أذربيجان إلى جورجيا مرورًا بتركيا إلى أوروبا. مما قد يضعف الرهان على غاز نيجيريا.
- هناك مخاوف من أن يعجز المشروع عن استرجاع اسثماراته بسبب خط نابوكو.
- قوة المنافسة بدخول الولايات المتحدة الأمريكية وقطر كمنافسين محتملين لتوريد الغاز المسال لأوروبا.
- ضغط الولايات المتحدة على أوروبا لشراء الغاز الأمريكي أولا قبل الروسي وغيره.
- نمو الاستهلاك المحلي للغاز، حيث ارتفع إلى قرابة 45 مليار متر مكعب سنويًّا.
- تغير ميزاج القرار السياسي في دولة المنشأ (نيجيريا) ودولة العبور (النيجر) بين الميل نحو المشروع الجزائري والمشروع المغربي.
ومع ذلك هناك عدة عوامل تجعل الأنبوب العابر للصحراء، في موقع الأفضلية.
وهي:
1- في حال "عدم القين" من احتياطات نيجيريا، تستطيع الجزائر تزويد أوروبا بالغاز بالإعتماد فقط على احتياطاتها فهي دولة غاز بالأساس. بينما لا تتوفر المغرب على هذا.
2- امتلاك الجزائر شبكة أنابيب جاهزة وشغالة، تمكن من ربح الجهد والوقت والتكاليف. وبالتالي فإن غاز لنيجيريا بمجرد دخوله إلى الحدود الجزائرية يعتبر قد وصل إلى أوروبا، عبر خطي (TransMed) (أو خط أنابيب غاز إنريكو ماتـِّيْ)، الذي تتراوح قدرته الحالية بين30 و 33 مليار متر مكعب سنويا، ويربط الجزائر بإيطاليا عبر تونس. (ومستقبلا عبر مشروع غالسي بين الجزائر وإيطاليا مباشرة تحت البحر) ويمتد مشروع هذا الأنبوب على طول 1470 كلم. ويضاف إليهما خط ميدغاز الرابط بين الجزائر واسبانيا عبر البحر المتوسط، والخط الموقوف يربط اسبانيا بالجزائر عبر التراب المغربي.
3-إن الجزائر ليست بحاجة لغاز نيجيريا، وبالتالي يمكن فقط اقتطاع جزء ضئيل لدولة النيجر، وعليه فإن النسبة التي تصل أوروبا من غاز النيجر تكون مرتفعة جدا قد تصل إلى أكثر من 80 بالمئة، بينما لا يصل لأوروبا عبر المشروع المغربي سوى 50 بالمئة أو أقل.
4-اطلاق الجزائر مشاريع أخرى كبرى مكملة لأنبوب الغاز العابر للصحراء، يمكن أن تمنحها الأفضلية في "حرب الأنابيب" منها:
- "مشروع الطريق العابر للصحراء" وهو على وشك الانتهاء، يمتد على طول 9600 كلم، يضم 9 طرق رئيسية ويربط 6 دول هي تونس والجزائر والنيجر ونيجيريا وتشاد ومالي. ويربط دول افريقيا مباشرة بموانيء الجزائر وتونس.
- مشروع الكابل الإفريقي للألياف البصرية، يخص كلا من الجزائر والنيجر ومالي ونيجيريا وتشاد.
أخبار
2025-12-26
أخبار
2025-12-26
أخبار
2025-12-26
أخبار
2025-12-26
أخبار
2025-12-26
أخبار
2025-12-26